Saturday, January 17, 2009
Tuesday, January 06, 2009
كالنهر يجرى
حوالي العام 250 قبل الميلاد , في الصين القديمة , كان أمير منطقة تينغ زدا على
وعندما عادت إلى بيتها حكت الأمر لابنتها , تفاجئت بأن ابنتها تنوي أن تتقدّم
للمسابقة هي أيضًا.
لف اليأس المرأة وقالت :(( وماذا ستفعلين هناك يا ابنتي ؟ وحدهنّ سيتقدّمن أجمل
الفتيات وأغناهنّ. اطردي هذه الفكرة السخيفة من رأسك! أعرف تمامًا أنكِ تتألمي
,
ولكن لا تحوّلي الألم إلى جنون! ))
أجابتها الفتاة :(( يا أمي العزيزة , أنا لا أتألم , وما أزال أقلّ جنونًا ؛ أنا أعرف تمامًا
أني لن أُختار, ولكنها فرصتي في أن أجد نفسي لبضع لحظات إلى جانب الأمير , فهذا
يسعدني - حتى لو أني أعرف أن هذا ليس قدري
-))
في المساء , عندما وصلت الفتاة , كانت أجمل الفتيات قد وصلن إلى القصر , وهن
يرتدين أجمل الملابس وأروع الحليّ , وهن مستعدات للتنافس بشتّى الوسائل من أجل
الفرصة التي سنحت لهن.
محاطًا بحاشيته , أعلن الأمير بدء المنافسة وقال :(( سوف أعطي كل واحدة منكن
بذرةً , ومن تأتيني بعد ستة أشهر حاملةً أجمل زهرة , ستكون إمبراطورة الصين
المقبلة )).
حملت الفتاة بذرتها وزرعتها في أصيص من الفخار , وبما أنها لم تكن ماهرة جدًا في
فن الزراعة , اعتنت بالتربة بكثير من الأناة والنعومة – لأنها كانت تعتقد أن الأزهار إذا
كبرت بقدر حبها للأمير , فلا يجب أن تقلق من النتيجة- .
مرّت ثلاثة أشهر , ولم ينمُ شيء. جرّبت الفتاة شتّى الوسائل , وسألت المزارعين
والفلاحين فعلّموها طرقًا مختلفة جدًا , ولكن لم تحصل على أية نتيجة. يومًا بعد يوم
أخذ حلمها يتلاشى ، رغم أن حبّها ظل متأججًا
.
مضت الأشهر الستة , ولم يظهر شيءٌ في أصيصها. ورغم أنها كانت تعلم أنها لا تملك
شيئًا تقدّمه للأمير , فقد كانت واعيةً تمامًا لجهودها المبذولة ولإخلاصها طوال هذه
المدّة , وأعلنت لأمها أنها ستتقدم إلى البلاط في الموعد والساعة المحدَّدين. كانت تعلم
في قرارة نفسها أن هذه فرصتها الأخيرة لرؤية حبيبها , وهي لا تنوي أن تفوتها من
أجل أي شيء في العالم
.
حلّ يوم الجلسة الجديدة , وتقدّمت الفتاة مع أصيصها الخالي من أي نبتة , ورأ ت أن
الأخريات جميعًا حصلن على نتائج جيدة؛ وكانت أزهار كل واحدة منهن أجمل من
الأخرى , وهي من جميع الأشكال والألوان
أخيرًا أتت اللحظة المنتظرة. دخل الأمير ونظر إلى كلٍ من المتنافسات بكثير من الاهتمام
والانتباه. وبعد أن مرّ أمام الجميع, أعلن قراره , وأشار إلى ابنة خادمته على أنها
الإمبراطورة الجديدة.
احتجّت الفتيات جميعًا قائلات إنه اختار تلك التي لم تزرع شيئًا
.
عند ذلك فسّر الأمير سبب هذا التحدي قائلاً :(( هي وحدها التي زرعت الزهرة تلك التي
تجعلها جديرة بأن تصبح إمبراطورة ؛ زهرة الشرف. فكل البذور التي أعطيتكنّ إياها
كانت عقيمة , ولا يمكنها أن تنمو بأية طريقة )).
باولو كويلو